شرح دعاء الإمام الحسين (ع)
يوم عرفة
هذا الكتاب يتكفَّل بشرح دعاء الإمام الحسين (ع) يوم عرفة، الوارد في كُتُب الأدعية القديمة. ولهذا الدُّعاء خصوصيات امتازَ بها عن غيرهِ من الأدعية:
- خصوصية الزَّمان: فقد دعا الإمام الحسين (ع) بهذا الدُّعاء في أيام الحج.
- خصوصية المكان: فقد دعا الإمام الحسين (ع) بهذا الدُّعاء في عرفة.
- خصوصية الدَّاعي: فالدَّاعي بهذا الدُّعاء هو الإمام الحسين (ع)، خامس أصحاب الكساء، حبيب رسول الله (ص)، الشَّهيد بأرض كربلاء.
- خصوصية الدُّعاء: فهذا الدُّعاء ينطوي على مضامين عالية، وعبارات دقيقة ومعبِّرة قد لا نجد لها مثيلاً في أدعية أخرى.
هذا الدُّعاء، يدفع الإنسان لاستعراض وتأمُّل نِعَم الله عزَّ وجل، تلك النِّعَم التي رافقته في كلِّ مراحل وجودهِ، كشريط سينمائي، يبدأ قد تكوُّنهِ، ثمَّ يمرُّ إلى مرحلة الأصلاب فالأرحام، ثمَّ دخوله إلى هذا العالَم، بدءاً من الرَّضاع، فالطفولة المبكرة والمتأخِّرة، ثمَّ البلوغ، إلى اللَّحظة التي يُخاطِب فيها الله سبحانه بهذا الدُّعاء.
وفي هذا الدُّعاء، يُقِرُّ الإنسانُ بعجزهِ عن شُكر نِعَم الله عزَّ وجل، لا بلسانهِ فحسب، بل بكلِّ ذرة من ذرَّاتِ جسده، ابتداءً من رأسهِ، بأجزائهِ، ووجههِ وحواسِّهِ، نزولاً إلى العُروقِ التي تحمِلُ رأسَه، ثمَّ قلبه وصدره، وحواشي كبده وشراسيف أضلاعه، وانتهاءً بجوارحهِ وأناملهِ وعواملهِ، ولحمهِ ودمهِ، وشعرهِ وبشَرهِ وعصَبهِ وقصَبهِ وعِظامهِ…إلخ. عندما يقرأ الدَّاعي هذه العبارات يشعُر أنَّ أعضاءَ جسده وكلَّ جوارحه تكاد تنطق وتُقِر – مع لسانهِ – بالعجزِ عن شُكر نِعَم الله عليه.
هذا الدُّعاء يُرسِّخ أيضاً في وجدان الدَّاعي الأدب الربَّاني – بل الحقيقة القاطعة – بنسبةِ كلّ حسنة إلى الله (عندما يُكرِّر: أنتَ الذي…أنتَ الذي..)، ونسبة كلّ سيئة إلى نفسه (عندما يُكرِّر: أنا الذي…أنا الذي..).
ثمَّ ينتهي هذا الدُّعاء بالدَّاعي إلى إيجازِ حاجاته بحاجةٍ واحدةٍ فقط، إنْ أعطاها الله له لم يضُرُّه ما منعَهُ، وإنْ منعَهُ لم ينفَعْهُ ما أعطاه!